المؤرخ الحميدان يتحدث عن أهمية المكتبة الخاصة

 

زاره في المكتبةالمحرر الثقافي

تصوير – مقبل الطلاسي

 

المكتبة الخاصة أو الشخصية من أهم أنواع المكتبات، وقد شهد التاريخ القديم والحديث اهتمام كثير من الحكام والسلاطين والعلماء بتكوين مكتبات خاصة في قصورهم أو بيوتهم، وقد كان لهذه المكتبات دور مهم في إثراء الحياة الثقافية والفنية والفكرية لأصحابها والمحيطين بهم.

كما أن مثل هذا النوع من المكتبات في المنزل يخلق جواً ثقافياً لأفراد المنزل، حيث تعمل على غرس حب القراءة في أفراد المنزل.

والمكتبة الخاصة ليست مجرد مجموعة أوعية معلومات توضع في المنزل، أو مكتب فرد ما، ولا تستخدم فتصبح مجرد ديكور بالمنزل أو شيئاً مكملاً لزينة المنزل، أو مكتب صاحبها، وإنما أهم شيء في المكتبة الشخصية -سواء أكانت مفهرسة أم لا، منظمة بطريقة من طرائق الترتيب المعروفة أم منظمة بطريقة يبتدعها صاحبها- هو الاستخدام من جانب صاحب المكتبة أو من أصدقائه وأقاربه.

كذلك فإن المكتبات الخاصة قد تؤول في النهاية إلى المجتمع، إما عن طريق صاحب المكتبة نفسه عندما يهبها لمكتبة معينة أو المجتمع، وإما بعد وفاته تبيعها الورثة أو تهديها مكتبة معينة أو المجتمع، وكم من المكتبات الرسمية الكبرى قد أنشئت على أساس من المكتبات الخاصة.

 

من هو المؤرخ الحميدان

عبداللطيف بن ناصر الحميدان مؤرخ وأكاديمي وأستاذ جامعي سعودي، ولد عام 1352هـ الموافق عام 1934م، في مدينة الزبير في العراق. نال درجة البكالوريوس في جامعة بغداد عام 1377هـ الموافق 1958م، ثم نال بعدها درجة الماجستير في معهد الدارسات الإسلامية في القاهرة عام 1966م، وفي 1975م نال درجة الدكتوراه في جامعة مانشستر البريطانية بعد تقديمه بحثاً تحت عنوان «التاريخ السياسي والاجتماعي لبغداد والبصرة من 1479-1988م».

حياة الحميدان العملية

استهل حياته العملية مدرساً في المرحلة الثانوية من عام 1964م إلى 1966م، بعدها عمل أستاذاً للتاريخ في جامعة الملك سعود في الرياض،

ثم تدرج ليصبح وكيلاً لقسم التاريخ فيها، ثم ترأس قسم التاريخ بكلية الآداب في جامعة الملك سعود من 1410هـ إلى 1418هـ، وهو الآن يعمل أستاذاً متعاقداً في قسم التاريخ بالجامعة ذاتها، بعد أن أحيل إلى التقاعد.

كما كان سابقاً رئيساً للجنة التاريخية السعودية، وأشرف على نحو عشرين رسالة ماجستير ودكتوراه خلال عمله بالجامعة، وهو عضو في كل من: الجمعية التاريخية السعودية، الجمعية التاريخية لدول الخليج، الجمعية التاريخية العربية، مجلس كلية الآداب لمدة أربع سنوات، ومجلس كليات البنات بعليشة، ومركز الخليج العربي بجامعة الرياض.

 

أعماله ومؤلفاته

أما كتبه وأبحاثه التاريخية فمنها:

* إمارة آل شبيب في شرقي شبه جزيرة العرب.

* إمارة العصفوريين ودورها السياسي في شرقي شبه الجزيرة العربية.

* التاريخ السياسي لإمارة الجبور في نجد وشرقي شبه الجزيرة العربية.

* نفوذ الجبور في شرقي شبه الجزيرة العربية.

* مكانة السلطان أجود بن زامل الجبري في شبه الجزيرة العربية.

* مخطوطة علي بن عبدالله الموسوي محتواها وأهميتها بوصفها مصدراً تاريخياً.

* تاريخ مشيخة الزبير النجدية من النشوء إلى السقوط (2019).

جوائز حصل عليها

في 30 مارس 2014م أقرت الهيئة العليا لجائزة ومنحة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز للدراسات وبحوث تاريخ الجزيرة العربية، أسماء الفائزين والفائزات في فروع الجائزة والمنحة، ونال عبداللطيف بن ناصر الحميدان هذه الجائزة في دورتها الخامسة، وهي جائزة هدفها التشجيع ودعم حركة البحوث في تاريخ شبه الجزيرة العربية بصفة عامة، وتاريخ المملكة العربية السعودية بصفة خاصة.

المكتبة وهذه الزيارة

قليل من المتخصصين من يتحدث عن مكتبته الخاصة إلا إذا زارت إحدى وسائل الإعلام هذه المكتبة، وخصوصاً مكتبات القامات الأدبية والعلمية والثقافية.

وقد أتيحت لنا الفرصة لزيارة مكتبة المؤرخ السعودي الدكتور عبداللطيف بن ناصر الحميدان، وأول وهلة ومنذ أن وطئت أقدامنا عتباتها ورمقت أنظارنا رفوفها، اكتشفنا أنها مكتبة تاريخية بالدرجة الأولى، ما يعني أنها تعنى بكتب التاريخ مع أن بداياتها كانت أدبية كما عرفنا من صاحبها، وأنها غنية بمصادرها ومحتوياتها المتنوعة التي تشمل فنوناً أخرى غير التاريخ.

البداية المبكرة

يحدثنا الدكتور الحميدان عن بدايات تكوين مكتبته الخاصة فيقول: «إن هذه البدايات كانت باكراً جداً منذ المرحلة المتوسطة من دراسته، حيث بدأ شغفه بالكتب والقراءة في هذه المرحلة، وتدرج ذلك الاهتمام حتى بلغ مداه خلال دراسته الجامعية».

رفوف المكتبة كانت في البدء متواضعة التكوين والمحتوى، لكن صاحبها كان يشعر بالسعادة وهو يشهد هذه البدايات ورحلته مع عالم القراءة والكتب، ويؤكد الحميدان أنه كان من الطبيعي أن يكون الأدب والقصة والرواية هي العناوين البارزة في تلك المرحلة، إضافة إلى كتب التاريخ المختصرة، إلى أن أصبحت مكتبة الحميدان عامرة بصنوف الكتب والفنون، من ذلك: التاريخ الوسيط والحديث، تاريخ الأقطار العربية، أقطار المشرق المختلفة فضلاً عن التاريخ الأوروبي الحديث.

وهكذا حتى بلغت محتويات المكتبة الآن أكثر من عشرة آلاف كتاب، علماً أن بعضاً منها يتكون من أجزاء كثيرة فضلاً عن الوثائق العثمانية والبرتغالية التي تزيد على الألفي وثيقة.

وإضافة إلى الأبحاث في عدة لغات نشرت في أوعية مختلفة، كما تشكل الكتب -بغير اللغة العربية- ما يقارب نصفها، سواء كتباً أو وثائق، وكل محتويات المكتبة -كما يؤكد صاحبها- جاءت بالشراء المباشر وبطبيعة الحال بعض الكتب المهداة.

 

أوقاته جلها للقراءة والكتابة

ورداً على سؤال حول الكتب التي يعتز بها أكثر من غيرها في مكتبته يقول الدكتور الحميدان:

«من الصعب تحديد كتاب معين بحد ذاته، إذ تتفاوت المحتويات من كتاب إلى آخر، ولكنني من دون شك أعتز بما نشرته من كتب وأبحاث التي أحاول الآن إعادة نشرها».

ومع مشاغل الدكتور الحميدان الأكاديمية فهو يقضي وقتاً طويلاً في المكتبة بين القراءة والبحث والتأليف، ولهذا فهو يؤكد أهمية المكتبة في كل بيت صغرت أم كبرت، فمكتبة البيت إذا كانت مهمة للمتخصصين والباحثين، فهي كذلك لا تقل أهمية للأسرة كلها، فالثقافة والعلم أساسهما القراءة، فلا نهوض للفرد والأمة من دون علم وثقافة، ووجود مكتبة البيت يتوقف على اهتمام الشخص وإدراكه أهمية القراءة والاطلاع.

في نهاية الزيارة كان لابد أن نسأل د، الحميدان عن كيفية تشجيع النشء على القراءة.

أجابنا بقوله: «ذلك يكون في عمر مبكر بإدخال مادة القراءة الحرة في مناهج المدارس الابتدائية، وتشجيعهم على التنافس في هذا المجال، إضافة إلى تشجيع أولياء الأمور أبناءهم على القراءة في سن مبكرة، ثم يأتي دور المؤسسات المعنية في المجتمع ومنها المكتبات العامة التي تضع المشروعات والبرامج المناسبة لكل الأعمار، وتشجع من خلالها على القراءة والمطالعة وتربط هؤلاء النشء بالكتاب.

ويضيف الدكتور الحميدان ومع عدم تمكني من متابعة أنشطة المكتبات ومشروعاتها إلا أنني متأكد أن كثيراً من المكتبات العامة في المملكة لها جهودها المشكورة في هذا المجال، ومن ذلك مكتبة الملك فهد الوطنية ومكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالرياض والمكتبات الجامعية وغيرها.

​​​​