اعتزازاً بجذورنا الراسخة وحاضرنا الزاهر وزارة الحرس الوطني تحتفل بالذكرى المجيدة ليوم التأسيس

بناءً على توجيهات صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن بندر بن عبدالعزيز وزير الحرس الوطني، وبمتابعة واهتمام من معالي نائب وزير الحرس الوطني الأستاذ عبدالمحسن بن عبدالعزيز التويجري، نظمت وزارة الحرس الوطني عدداً من الاحتفالات المتزامنة بعدد من قطاعاتها بالمملكة بمناسبة ذكرى يوم التأسيس، حيث تم تشكيل فريق للاحتفاء بهذه المناسبة في كافة المناطق، برئاسة العميد الدكتور بندر بن دريب مدير عام مطابع الحرس الوطني، وعضوية عدد من الجهات ذات العلاقة، وتولى الفريق الإعداد والتخطيط وتنفيذ هذه الاحتفالات بالتنسيق مع عدد من القطاعات بالوزارة، وتضمنت الاحتفالات ندوات تاريخية وبرامج ثقافية ومعارض مصاحبة.

 

الاحتفال بمقر الوزارة بالرياض

برعاية سعادة وكيل وزارة الحرس الوطني الأستاذ عبدالعزيز بن صالح المهنا، وحضور رئيس الجهاز العسكري المكلف اللواء الركن صالح بن عبدالرحمن الحربي، أقامت وزارة الحرس الوطني يوم الأربعاء 11/8/1445هـ الموافق 21/2/2024م على مسرح الوزارة، احتفالاً بمناسبة حلول ذكرى يوم التأسيس لهذا العام 2024م.

وقد تجول وكيل الحرس الوطني والضيوف على الأنشطة المصاحبة للندوة واطلع على المعرض الذي تم تنظيمه بهذه المناسبة، وجناح مكتبة الملك فهد الوطنية، وكذلك مشاركة فصيل الشرف من وكالة شؤون الأفواج بلباس يحاكي يوم التأسيس والبنادق القديمة والسيوف.

عقب ذلك بدأ الحفل الذي قدمه رئيس تحرير مجلة الحرس الوطني العقيد الركن دغيليب بن سائر القوس، بآيات من الذكر الحكيم رتلها الرقيب عبدالمحسن بن ناحي العنزي. ثم شاهد الحضور عرضاً مرئياً عن تاريخ الدولة السعودية، تلاه قصيدة فصيحة بالمناسبة ألقاها الشاعر حسن بن محمد الزهراني.

عقب ذلك بدأت ندوة يوم التأسيس التي تولى إدارتها الإعلامي المعروف صلاح الغيدان، وتحدث فيها كل من الأستاذ الدكتور عبدالله بن محمد الفوزان نائب الرئيس والأمين العام لمركز الملك عبدالعزيز للتواصل الحضاري وأستاذ علم الاجتماع، والأستاذة الدكتورة منى بنت محمد الغيث أستاذة التاريخ بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، والأستاذ الدكتور عبداللطيف بن محمد الحميد أستاذ تاريخ المملكة والجزيرة العربية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

نستشعر جذورنا

الورقة الأولى بعنوان «الرمزية التاريخية ليوم التأسيس» قدمها الأستاذ الدكتور عبدالله بن محمد الفوزان، الذي عبر بدايةً عن سعادته بوجوده بين رجال الحرس الوطني وأبنائه وبناته، مثنياً على الأدوار العسكرية والحضارية المتعددة التي تقوم بها مؤسسة الحرس الوطني في خدمة الوطن والمواطن، ومنوهاً بدورها المبكر في العناية بالثقافة والتراث. وقال الفوزان: إن يوم التأسيس يعد علامة من علامات هذا الوطن، بل إنه يؤرخ لمرحلة انطلاق المملكة العربية السعودية، منوهاً بمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ـ حفظهم الله ورعاه ـ الذي أدرك أهمية الاحتفاء بهذا الحدث التاريخي، ما منحنا كسعوديين أن نستشعر جذورنا، وهذا ما نحتاجه، فأمة بلا تاريخ وبلا جذور لا معنى لوجودها، والأمم العظيمة تحتفي بماضيها وتعتز به، وعندما نحتفي بيوم التأسيس، فنحن نحتفي بمرحلة لها أبعادها التاريخية، والحضارية، والسياسية، والاجتماعية، وفي المقام الأول يوم التأسيس يرمز لمجموعة من الشخصيات التاريخية التي أتت لتعمل وتضحي، ليكتب الله على يديها بداية الانطلاق والتكون للدولة السعودية كما هي في مراحلها المختلفة، لكن بدايتها الأولى في علم 1727م شكلت نواة أساسية لبناء كيان سياسي وإطار مجتمعي يستوعبنا جميعاً، بعد حالة التشرذم والتباعد والمعاناة من الفرقة والجوع والفقر والأمية.

 

لماذا يوم التأسيس؟

ويطرح الدكتور الفوزان سؤالاً: لماذا نحتفي بيوم التأسيس؟ ويجيب: يوم التأسيس يماثل اليوم الوطني، وما لم يكن لدى المواطنين اعتزاز بتاريخهم وهويتهم وقعوا في إشكال كبير، ونحن في المملكة العربية السعودية نعتز ـ قيادة وشعباً ـ بذكرى التأسيس الذي يشكل النواة الحقيقية لما جاء بعده من البناء والتنمية. ذكرى يوم التأسيس استشعار لتكوين أول هوية سياسية وجغرافية في هذه المنطقة، حين تشكلت أول عاصمة إدارية اسمها «الدرعية». وفي البعد الاجتماعي ـ يضيف الدكتور الفوزان ـ ننظر لهذا الحدث كمرحلة هامة من مراحل التحول في تاريخ هذا المجتمع، الذي عانى وقاسى، فعوضه الله سبحانه بأن هيأ له هذه الدولة ليصبح تحت ظلها مجتمعاً متآخياً متواداً متحاباً متعاوناً على البر والتقوى.

مرتكزات التأسيس

ويؤكد الدكتور عبدالله الفوزان على المرتكزات التي قام عليها هذا الكيان قائلاً: لقد جمع يوم التأسيس كلاً من الإمام محمد بن سعود، والشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمهما الله، لتتشكل هذه الرؤية السياسية والدينية التي ترتكز عليها معالم هذه الدولة المباركة منذ بدايتها الأولى. كيف لا، ونحن نحمل شعلة الحق، ونتشرف برعاية أقدس بقعتين على وجه الأرض، الحرمين الشريفين، وخدمة ضيوف الرحمن، فهنيئاً لنا هذا الاصطفاء في هذا البلد العظيم، وهنيئاً لكم رجال الحرس الوطني وبنات الحرس الوطني إسهامكم في حماية هذه المقدسات، وهذا تشريف إلهي اختصنا الله به كسعوديين من بين أمم الأرض، وقد علم الله ـ عز وجل ـ أن أبناء هذه المنطقة، وهذه الأرض المباركة هم الأقدر والأجدر بهذه المهمة الجليلة، التي نفاخر بها، ونحن مدركين أننا امتداد لتلك المرحلة من التأسيس، ونسأل الله العون على أداء هذه الأمانة العظيمة، واستشعار المسؤولية الكبرى التي ولانا الله القيام بها.

ماذا لو؟

وينتقل الدكتور الفوزان لمحور آخر في حديثه، مشيراً إلى اهتمام قيادات هذا الوطن ببناء الإنسان والمكان وتعزيز مسيرة التنمية التي شملت كل منطقة ومدينة وقرية، موجهاً سؤالاً تخيلياً للحاضرين: لو أن أحداً من أجدادكم الذين عانوا من الجوع والأوبئة وانعدام الأمن يعود إلى الحياة ويراكم أنتم، ويرى ما حدث في هذا البلد وما شهده الإنسان في هذه الأرض من أسباب الأمن والعيش الرغيد، ماذا ستكون ردة فعله؟ لن يكون بمقدوره تصديق ما يرى من التحول والنقلات، وربما سيصاب بحالة من الصدمة الهستيرية. إن إنسان هذه الأرض يجب أن يكون محط دراسة الباحثين، إذ كيف استطاع أن يعيش ويقاوم ظروف الحياة القاسية في هذه الصحاري الجرداء قليلة الموارد. وهذا يفسر استجابة أبناء هذه الأرض الطاهرة لدعوة التوحيد وانضواء الناس تحت لواء الدولة، بحثاً عن حياة أفضل ومستقبل أفضل لهم وللأجيال القادمة، فناصر أجدادنا الملك عبدالعزيز وجاهدوا معه في سبيل تأسيس كيان سياسي واجتماعي قوي، وتركوا لنا نحن الأبناء والأحفاد أمانة الحفاظ عليه وبنائه ونمائه.



التزامات أخلاقية

ويؤكد الدكتور عبدالله الفوزان وهو ينهي ورقته على الدلالة العميقة التي يتعين أن نعيها ونحن نحتفل بهذه الذكرى الغالية، فيقول: يوم التأسيس ليس مجرد خطبة تلقى، أو قصيدة تنشد، أو أغنية حماسية. التأسيس ذكريات مجيدة نستذكرها ونستلهم منها العبر، وهو أيضاً سلوك يترتب عليه التزامات أخلاقية فيما يتعلق بقادتنا حفظهم الله، والحرص على أمن الوطن، والحفاظ على مقدراته ومكتسباته، وحماية حدوده. وأضاف: ومن يراقب المشهد في المملكة العربية السعودية يجد اللحمة الوطنية المتينة بين الشعب الوفي والقيادة الحكيمة، كما أن الانصهار بين مكونات المجتمع السعودي من جميع جهاته المترامية ومناطقه ثمرة من ثمار تأسيس هذا الكيان ونموه وتطوره، ولله الحمد فإن هذه الدولة منذ التأسيس في حالة تراكمية من البناء والتنمية، حتى أصبحت أحد أكبر عشرين اقتصاداً على مستوى العالم، وبلغ أبناء هذه البلاد من العلم والحضارة ما جعلهم ينافسون أقرانهم في الدول المتقدمة.

إبراز الهوية الوطنية

الورقة الثانية قدمتها الأستاذ الدكتور منى محمد الغيث رئيسة قسم التاريخ والآثار والمتاحف والإرشاد السياحي في جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، تحت عنوان «الاحتفاء بيوم التأسيس تاريخاً وإنجازاً»، وتحدثت في البداية عن يوم التأسيس، مؤكدة أهميته في مسيرة هذا الوطن الكريم المعطاء، ودوره في إبراز الهوية الوطنية التي يجب أن نحافظ عليها ونكرسها ونعمل على نشرها، من أجل تثقيف أبنائنا والأجيال الحاضرة وأجيال المستقبل بهذا الحدث، الذي يعدّ عمقاً تاريخياً حضارياً وعلمياً متميزاً، مشيرة إلى ما يوليه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز-حفظه الله- من اهتمام بالتاريخ السعودي وتاريخ الجزيرة العربية، ودور تلك الجهود في تعزيز الانتماء والاعتزاز بهذا العمق التاريخي المتميز وإحياء ذكرى تأسيس هذه الدولة المباركة والوفاء لمن أسهموا في خدمة الدولة بمراحلها المختلفة.

وتضيف الدكتورة الغيث: اليوم لا نحتفي فقط بعظمة ومجد التاريخ ويوم التأسيس على الرغم من بسالة الجهود التي بذلت في بناء كيان الدولة السعودية الأولى، لكننا نحتفي حقيقة بعمق وأصالة التاريخ الوطني الذي يسعى مولاي وسيدي خادم الحرمين الشريفين ـ حفظه الله ورعاه ـ إلى أن يثبته ويدونه ويسجله أيضاً للأجيال، ومهمتنا كمؤرخين وكمواطنين أن نسعى لاستدعاء الذاكرة الوطنية التاريخية، وتعمقيها في وجدان شبابنا، حتى نفتح أمامهم أبواب التاريخ المغلقة المنسية التي تحمل الكثير من العظات والملامح والعبرات التاريخية، التي لا بد أن تُدون وتسجل، لتكون نبراساً لهم في المحافظة على المكتسبات الوطنية التي ننعم بها. يوم التأسيس أحد الأيام الوطنية المجيدة التي تعد شاهداً حياً على التضحيات المخلصة التي بذلها قادتنا، ذكرى تقدم لنا جميعاً المثال الحي على الصمود وثبات القيادة الراشدة طوال المراحل الثلاث، حيث نجد أنه كلما مرت الدولة السعودية بمنعطف تنجح في الوقوف مرة ثانية بثبات، تنجح بالصمود، وإعادة بناء هذا الكيان.