الطرادات والاستدامة القتالية في الحروب البحرية

مشاركة الصفحة


 

بقلمحسني عبدالحافظ

 

في تعريف المصادر العسكرية الطراد cruiser صنف من سفن السطح الحربية الكبيرة أكبر من المدمرة destroyer وأصغر من البارجة واسمه من مطاردته القطع البحرية المعادية.. ويسمى السفينة الجوالة لتجواله وقنصه السفن والغواصات المعادية.

الطرادات إحدى أهم القطع الحربية المعول عليها في العمليات البحرية وأخذت دورها العسكري منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر وتطورت حتى أصبحت نووية منها القادر على المناورة ومطاردة الأهداف.

 

في تعريف المصادر العسكرية له فإن الطراد cruiser هو صنف من سفن السطح الحربية الكبيرة، أكبر من المدمرة destroyer، وأصغر من البارجة، وقد جاء اسمه من كونه يطارد القطع البحرية المعادية، كما سمي أيضاً بالسفينة الجوالة، لكونه يظل يتجول ويجوب البحار؛ لقنص السفن والغواصات المعادية.

كما أطلق عليه اسم «الحراقة المدرعة» وكان الظهور الأول للطراد في عام 1877م، حيث بني في مرافئ البحرية البريطانية أول قطعتين من الطرادات، وقد ظهرت الأجزاء الحيوية في البدن، والموجودة تحت الماء (المحرك، والمراجل، ومخازن العتاد)، مدرعة بطوابق فولاذية، سماكتها تراوح بين 50 إلى 100 مم، وتوجد حماية إضافية على كل الأقسام المجزأة من البدن.

وكانت أول عملية حربية، تشارك فيها الطرادات فعلياً من قبل البحرية الفرنسية عام 1884م، حيث كان لها دور مؤثر في حسم المعركة البحرية ضد الصين، التي وقعت في بحر الصين الجنوبي.

وفي عام 1908م ظهر نوع من الطرادات مدرع بدروع خفيفة، وعلى متنه ثمانية مدافع، وسرعته ناهزت 26 عقدة بحرية.

ومنذ عام 1910م تسارع سباق البريطانيين والفرنسيين والألمان فيما بينهم على تصنيع طرز أكثر قوة وتأثيرًا في الحروب البحرية، منها طراز «القطة» الذي اشتهر بضخامته، حتى إنه لم يكن تضاهيه أي سفينة حربية أخرى آنذاك، ويزن نحو 30 ألف طن، وسرعته نحو 28 عقدة.

ودخلت الولايات المتحدة الأميركية مضمار صناعة الطرادات، منذ 1922م، وكان طرادها الأول قد بني من مقاطع كتيمة عدة، ويتسم ببدن مغزلي انسيابي، مسطح من أعلى، طوله نحو عشرة أضعاف عرضه، وغاطسه في الماء يراوح بين ثلث عرضه ونصفه، ويتألف من طوابق وأسطح، ومعظم تسليحه على السطح العلوي، ومنشآت القيادة والمداخن والهوائيات في المنتصف، بينما حيز استقبال الطوافات في سطح المؤخرة، ويتسم بالتوازن والثبات في الماء، والسرعة، والمناورة، والقدرة على الدفاع عن الذات، وعن القطع البحرية المرافقة، وقد برهن هذا الطراد أهميته في حماية القوافل والإنزال البحري، إبان معارك جزر الماريان بين اليابان والحلفاء.

وبعد الحرب العالمية الثانية، ازداد الاهتمام بصناعة الطرادات، التي صارت الحروب البحرية مسرحاً لاختبار النماذج الجديدة منها، وقد تركز التطوير في نظم التسليح، وإدارة النيران على متنها.

ولمواكبة التطورات المتسارعة في أسلحة الحرب البحرية، أدخلت على الطرادات بعض التعديلات خصوصاً فيما يتعلق بتوفير الدعم الناري البحري بالأسلحة الصاروخية، ولاستيعاب طوافات للدعم والمراقبة والاستطلاع، وتطوير التوجيه والإصابة وانتقاء الأهداف، حتى زاحمت الطرادات البوارج، وحلت محلها في الحروب الحديثة.

وبمقارنة بين الطرادات القديمة والحديثة فإن الفروق لا تتوقف على الأبعاد والإزاحة ومستوى التدريع وعدد أفراد الطاقم والضباط والقدرة على الثبات القتالي والتسليح المدفعي والصاروخي، بل تعدت ذلك إلى نوعية الأداء، فقد كان مدى إبحار الطرادات يراوح بين 5000 و8000 ميل بحري، وأصبح بفضل استخدام الطاقة النووية يتجاوز 700 ألف ميل.

 

تصنيف الطرادات

ولتنوع طرزها فقد صارت الطرادات تصنف ضمن فئات كثيرة، منها التصنيف الذي يجعلها، -بحسب الإزاحة- على النحو الآتي:

* الطرادات الخفيفة Light Cruisers، التي لا تجاوز إزاحتها الـ 10000طن.

* الطرادات الثقيلة heavy Cruisers التي تجاوز إزاحتها 10000 طن.

جدير بالإشارة أنه يوجد حالياً في مختلف الأساطيل الحربية في العالم ما يقارب 40 فئة من الطرادات، منها القتالية الصرفة، ومنها المتخصصة في مهمات الخفارة، ومراقبة المياه الإقليمية، ومراقبة تطبيق الحظر، وحراسة مناطق الصيد، ومنها الطرادات المتعددة المهمات، التي تتسم بقدر أكبر على التحرك والمناورة.

وتتسع قدرتها على الإيواء، لكونها تمكث وقتاً أطول في عرض البحر، فهي تتميز بقدرتها على مواجهة مختلف الظروف الجوية، من دون أن يؤثر ذلك سلباً في العاملين بها، وتختلف نظم التسليح المحمولة على متن الطرادات باختلاف فئتها والمهمات المنوطة بها.

طرز التسليح ونظمها

من أهم الطرادات العاملة في البحريات العالمية حالياً الطراد الروسي من طراز كيروف kirov–Class، الذي وصف -بسبب حجمه وقوته النارية العالية- بأنه «أكبر الطرادات القتالية التي ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية» يصل طوله إلى نحو 823 قدماً، وعرضه الأقصى نحو 39 قدماً، ووزنه نحو 24300 طن، وسرعته تصل إلى نحو 32 عقدة، يشغل بنظام دفع مشترك، بالطاقة النووية وقوة البخار (CONAS) الذي يولد نحو 600 ميجاوات من الطاقة، ويعمل أحد هذه الطرادات، التي بني منها أربعة فقط، ضمن أسطول بحر الشمال الروسي، ويطلق عليه «طراز بيتر فيلبكي» وهو مزود بـ 20 صاروخ B700 جرانيت نفاث مضاد للسفن، مع إمكانية التزود برأس حربي نووي، وحمل ثلاث طوافات، وأكثر من 150 صاروخاً متنوعاً، إضافة إلى المدفعية، والطوربيدات، وأسلحة مكافحة الغواصات، والأجهزة المساعدة التي تدير النيران، وتسيطر عليها.

 

والطراد «جراد سفياجيسك» المزود بصواريخ (كاليبر. إن. كي) الذي كان قد أبحر مؤخرًا عبر مضيق البوسفور، ويستقر حالياً في القاعدة البحرية الروسية، بميناء طرطوس السوري.

والطراد موسكفا moskva الذي يتسع لحمل خمس عشرة طوافة، ومجهز بنظم صاروخية، ومدفعية حديثة، وأجهزة وأسلحة مضادة للغواصات.

ومن فئة طرادات طارانتول Tarantul الروسية ظهر نحو 60 وحدة، صدر بعضها إلى بلغاريا والهند ورومانيا وفيتنام، جلها بني في التسعينات من القرن الماضي (20م)، وظهر منها في السنوات الأخيرة، أربعة نماذج معدلة أكثر حداثة وتطورًا، مزودة بنظام دفع توربيني، وسرعتها تصل إلى 36 ميلاً، ما يجعلها تنافس على المركز الأول في أسرع طرادات العالم، والتسليح الأساسي عبارة عن صواريخ SS-N-22 Sunburn وصواريخ SAM-SA-N-5Grail، ومدفع عيار 60/76 ملم في الحصن، وأجهزة الحرب الإلكترونية.

وتنتج روسيا فئة أخرى من الطرادات، هي نانوشكا NanuChka، التي تعمل بـ 6 محركات ديزل MSO4، بثلاثة خطوط محورية، وثلاث مروحات، تستطيع بلوغ سرعة 32 ميلاً.

وتنتج السويد عدة طرز، من فئة الطراد فيسبي Visby الذي يعتمد على نظام الدفع CO-DOG، بأربعة توربينات غاز Allied Sighal، ومحركين ديزل، وليس ثمة مراوح، وإنما أجهزة دفع كاميوا Kamewa، لتدفق الماء Water jets، والتسليح عبارة عن ثلاثة أنواع من النظم الصاروخية، وقاذف طوربيدات ومدفع عيار 62/76 ملم، ومدفعين عيار 70/40 ملم، وأنظمة الحرب الإلكترونية.

وتعد الطرادات من فئة ديسكوبيرتا Descubierta من أفضل منتجات الصناعات البحرية الأسبانية، التي تختص بصناعتها الشركة الوطنية باثان Bazan، في ترسانة كارطاخينا، وهي تعمل بنظام دفع يعتمد على محركات ديزل MTU16 V956 TB91 والسرعة القصوى 26 ميلاً، بينما السرعة المستمرة، خلال العمل 24.5 ميلاً، والتسليح عبارة عن ثمانية صواريخ SSM Harpoon، و24 صاروخاً Sparrow SAM، ومدفع عيار 62/76 ملم في الحصن، ومدفعان 70/40 ملم، على درجتين في البنية الفوقية للمؤخرة، إضافة إلى أجهزة المراقبة، ونظم الحرب الإلكترونية.

وفي إيطاليا يصنع الطراد من فئة مينرفا Minerva الذي يعتمد على نظام دفع بمحركين ديزل GMT BM 230.20 DVM، بقوة 6300 حصان لكل منهما، ومروحتان متباينتا الدوران، والقدرة الإيوائية لهذا الطراد، تمكنه من الاستقلالية لمدة زمنية تصل إلى 30 يوماً، من دون أن يشكل ذلك أي عناء بالنسبة إلى العاملين على متنه.

وعلى الضفة الأخرى من الأطلسي تعول البحرية الأميركية، على أكثر من فئة للطرادات الأميركية الصنع، من بينها طراد القذائف الموجهة، من فئة تيكونديروجا Ticonderoa، الذي يصل طوله إلى نحو 564 قدماً، ووزنه نحو 10 آلاف طن بشحنة كاملة، يمتلك أربعة محركات توربينات الغاز ML2500، من تصنيع جنرال إلكتريك، سرعته تصل إلى 30 عقدة، وعلى متنه مستودع كبير للصواريخ، وثمة 122 منصة إطلاق عمودية، قادرة على حمل صواريخ الدفاع الجوي، من طرازي SM6 SM2، وصواريخ اعتراضية للصواريخ البالستية، من طراز SM3، وصواريخ الدفاع الجوي قصيرة المدى المطورة «سي سبارو» وصواريخ كروز توماهوك للأهداف الأرضية، وصاروخ هاربون المضاد للسفن، ومدافع متعددة، منها مدفع مارك عيار 45 ملم مزدوج الغرض من الأمام والخلف، ومنظومة «ايجيس» القتالية، ونظام التحكم البحري بإطلاق النار NIFC-CA، ويعمل منه في الخدمة حاليًا 22 طرادًا.

وفي ترسانة البحرية الأميركية أيضاً الطرادات فرجينيا Virginia، ولونغ بيتش Long Beach، وهما يعملان بالطاقة النووية، وتم تسليحهما بالصواريخ العابرة للقارات، والحاملة للرؤوس النووية المتعددة، مثل صاروخ توماهوك Cruise المتعددة المهمات، ضد الأهداف البحرية والبرية، فضلاً عن صواريخ مكافحة الغواصات Asroc، وأحدث أجهزة الملاحة والكشف السطحي والجوي، وأجهزة الكشف التحت مائية، وأجهزة الاتصال مع الأقمار الاصطناعية، والتحكم عن بعد، وأتمتة إدارة النيران والسيطرة، ومتابعة الأهداف،والتوجيه والقيادة في شروط الحرب الإلكترونية الحديثة على اختلافها.

آفاق المستقبل

إلى جانب الجهود المتواصلة، للتحديث وتطوير الطرز التي تعمل في الخدمة حالياً، فإن ثمة اتجاهاً متصاعدًا لدى عدد من كبار الصانعين لاستحداث طرز جديدة، وقد أعلن مؤخرًا عن مشروعات مستقبلية في هذا الشأن.

وكانت الصين قد أعلنت أنها دخلت مضمار المنافسة على تطوير الطرادات، وصناعة فئة حديثة منها، من المزمع دخولها إلى الخدمة خلال النصف الثاني من العقد المقبل.

جدير بالإشارة أن عمليات التطوير والتحديث تتركز في تعديل الشكل الانسيابي، وإدخال مواد جديدة في صناعة بدن الطراد، بحيث يكون أكثر شبحية، وكانت البحرية الروسية قد أعلنت أنه بحلول عام 2022م، سوف ينضم إلى أسطولها في المحيط الهادي، الطراد أدميرال ناخيموف، متضمناً نظم تسليح أكثر تقدماً، منها نظام صواريخ «تسركون» الجديدة الخارقة للصوت، ونظام صواريخ S500، وقذائف الطوربيدات المضادة للغواصات، وتركز برامج التحديث المعلن عنها للطرادات الأميركية المستقبلية، على زيادة السرعة، ونظم الأتمتة، والقوة النيرانية، وتعدد المهمات.

 

أهم المراجع المعتمدة:

مجموعة مؤلفينالسلاح البحري الناشر دار الراتب الجامعية بيروت 2006م.

طلعت نوري علي (وآخر): البحرية الناشر وزارة الإعلام بغداد 2015م.

مجموعة مؤلفينالأسلحة والإمداد (المدمرات والفرقاطات والطرادات والمدفعية البحريةترجمة دمحمد صالحي (وآخرالناشر مكتبة العبيكان الطبعة الأولى الرياض 1432هـ /2002م.

دأحمد الشرقاويالموسوعة العسكرية الميسرة الجزء الأول الناشر مركز الراية للنشر والإعلام القاهرة 2014م.

وكالات الأنباءالصينية (شنخوا)، والروسية (سبوتنيك)، والدولية (رويتر).

* دوريات الدفاع والأمن، والبحرية اليوم، والجيش، والنصر.

 
 

وشاهد الأمير عبدالله بن بندر والحضور عرضًا مرئيًّا تعريفيًّا عن صرح الجامعة، وأعداد الخريجين لهذه الدفعة البالغة 794 طالبًا. بعد ذلك ألقى مدير الجامعة الدكتور بندر القناوي كلمة بهذه المناسبة، ثمَّن فيها رعاية وزير الحرس الوطني التي تأتي دعمًا لمسيرة الجامعة الأكاديمية والعلمية والبحثية، ودافعًا للاستمرار في تحقيق النجاحات.

وأضاف بأن مشاركة وزير الحرس الوطني الخريجين فرحة النجاح والتخرج تؤكد حرصه على دعم وتشجيع الطلاب؛ لما بذلوه من جهد في التحصيل الأكاديمي والعلمي والتدريب الإكلينيكي، ومشاركتهم أيضًا فرحة التطلع إلى خدمة الوطن والمواطن بثقة وتفانٍ وإخلاص.

وأكد أن خريجي الجامعة اكتسبوا مهارات، سيسهمون بها في دعم وتطوير النظام الصحي في السعودية، وتطوير خدمة الرعاية الصحية، كما استفادوا من البيئة الإكلينيكية في تطوير أدائهم وإمكاناتهم على أكمل وجه.