حج عام 1441هـ استثنائي وناجح بامتياز

​​تقرير خاص:

انتهى موسم حج عام 1441هـ 2020م الاستثنائي بنجاح كبير ومبهر، وتلقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظهما الله- التهاني والتبريكات من قادة الدول العربية والإسلامية وزعمائها ومن الشخصيات الدينية والمسؤولين من داخل المملكة وخارجها، بنجاح الحج الاستثنائي هذا العام، مثمنين جهود المملكة العربية السعودية في خدمة حجاج بيت الله الحرام.

كما هنأ الجميع خادم الحرمين الشريفين -أيده الله- بعيد الأضحى المبارك، وبتعافيه وشفائه ومغادرته المستشفى، متمنين للمليك المفدى موفور الصحة ودوام العافية.

وعبر خادم الحرمين الشريفين عن شكره وتقديره للقادة والزعماء والشخصيات العربية والإسلامية على مشاعرهم الفياضة نحوه ونحو بلدهم الثاني المملكة العربية السعودية، وبادلهم -رعاه الله- التهاني بعيد الأضحى المبارك.

 

فرحتان في موسم حج هذا العام

وقد سادت أجواء هذا العام وعمت الأرجاء فرحتان: الأولى بلا شك نجاح حج عام 1441هــ وثبوت قدرة المملكة -بفضل الله ثم بفضل قيادتها الرشيدة- على إدارة الحج الاستثنائي برغم ظروف جائحة كورونا التي يعانيها العالم.

وأما الفرحة الأخرى التي أراد المولى جلت قدرته أن تتوافق مع موسم حج هذا العام فهي تعافي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- ومغادرته مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض في التاسع من ذي الحجة 1441هـ بعد أن منَّ الله جل جلاله عليه بالصحة والعافية.

وقد هنأ خادم الحرمين الشريفين -أيده الله- الأمة الإسلامية بعيد الأضحى المبارك، سائلاً المولى تبارك وتعالى أن يتقبل من الحجاج حجهم، ومن المسلمين طاعتهم، وأن يرفع عن العالم وباء جائحة كورونا.

وقال خادم الحرمين الشريفين على حسابه في «تويتر»:

«أهنئ الجميع بعيد الأضحى المبارك، أعاده الله علينا وعليكم بالخير والبركة والصحة والعافيةكما نسأله تبارك وتعالى أن يتقبل من الحجاج حجهم، ومن المسلمين طاعتهم، وأن يرفع عن بلادنا والعالم وباء جائحة كورونا بفضله ورحمته، وكل عام أنتم بخير».

إشادات عالمية بتنظيم

حج عام 1441هـ

 

وكانت حكومات مختلف دول العالم الإسلامي والمنظمات والهيئات المعنية بالحج قد أشادت بالقرار الحكيم لقيادة المملكة الرشيدة بتنظيم حج عام 1441هـ برغم الظروف الصحية التي يمر بها العالم في ظل جائحة كورونا، وثمنوا الخطة الإستراتيجية التنفيذية التي اتخذتها المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظهما الله- لتنظيم موسم حج 1441هـ 2020م بأعداد محدودة من داخل المملكة، عبر تحقيق التباعد الاجتماعي وتحقيق مقاصد الشريعة الإسلامية في حفظ النفس البشرية.

مشيرين إلى أن المملكة تثبت من جديد قدرتها الفائقة على إدارة الحشود الكبيرة وتنظيم الحج بتوفير كل الخدمات للحجاج والعمل على راحتهم منذ قدومهم إلى الأراضي المقدسة حتى عودتهم إلى بلدانهم سالمين غانمين -بإذن الله.

وفي حج هذا العالم، وجهت المملكة رسالة جديدة إلى العالم في كيفية التعامل مع الحشود البشرية في ظل جائحة كورونا والتعامل مع الوضع الصحي الجديد باحترافية كبيرة، ونجاحها -بفضل الله- ثم بحكمة قيادتها في تطبيق أعلى المعايير الصحية والبروتوكولات الخاصة بالتعامل مع الحشود الكبيرة.

وثمن جميع المهنئين العناية الفائقة والخدمات الكبيرة التي حظي بها حجاج بيت الله الحرام في موسم حج هذا العام الاستثنائي.

 

المملكة تتحمل مسؤوليتها العظيمة

لقد كان تنظيم شعيرة الحج لهذا العام، في ظل معاناة العالم من جائحة كورونا أمراً محفوفاً بالمخاطر الصحية، خصوصاً إذا تم تنظيم الحج بأعداده الغفيرة مثل كل موسم، ووضعت الظروف الصحية العالمية المملكة أمام مسؤولية إنسانية وشرعية عظيمة، من منطلق أن حفظ النفس هو إحدى الضرورات الخمس التي جاءت بها الشريعة الإسلامية.

وفي الوقت ذاته فإن المملكة لا تريد أن تتخلى عن مسؤوليتها التاريخية تجاه أداء فريضة الحج، ومن هنا جاء القرار السامي بتنظيم حج هذا العام مع اتخاذ المملكة إجراءات صارمة تستند إلى المعطيات الصحية الراهنة والقواعد الفقهية الراسخة، وتتماشى مع الرخص الشرعية التي شرعها الله سبحانه وتعالى لعباده عندما يصعب أداء العبادات أو المناسك.

خريطة طريق حج عام الكورونا

هكذا أعلنت المملكة العربية السعودية وحسب توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيده الله- ما يمكن تسميته بـ «خريطة طريق» لتوفير «حج آمن» في زمن كورونا هذا العام، واختارت المملكة أفضل السيناريوهات التي تجمع بين تمكين ضيوف الرحمن من أداء مناسك الحج والعمرة وتوفيرها -في الوقت نفسه- سبل الأمن الصحي والسلامة.

وفي ظل استمرار الجائحة، وخطورة تفشي العدوى في التجمعات والحشود البشرية والتنقلات بين دول العالم، وازدياد معدلات الإصابات عالمياً قررت المملكة إقامة حج عام 1441هـ بأعداد محدودة جداً للراغبين في أداء مناسك الحج لمختلف الجنسيات من الموجودين داخل المملكة؛ حرصاً على إقامة الشعيرة بشكل آمن صحياً، وبما يحقق متطلبات الوقاية والتباعد الاجتماعي اللازم لضمان سلامة الإنسان وحمايتها من مهددات هذه الجائحة، وتحقيقاً لمقاصد الشريعة الإسلامية في حفظ النفس البشرية.

وكان في مقدمة الاشتراطات: قصر الحج على المقيمين داخل المملكة، وأن يقتصر حج هذا العام على من هم دون الـ 65، ومنع كل من يعاني أمراضاً مزمنة، إضافة إلى فحص طبي سابق قبل وصول المشاعر المقدسة، وفرض عزل منزلي لاحق لأداء المناسك بخلاف متابعة الحجيج في أثناء أداء الفريضة.

كما صدرت الموافقة الكريمة على أن تكون نسبة غير السعوديين من المقيمين داخل المملكة هي ٪70 من إجمالي حجاج هذا العام، وتكون نسبة السعوديين ٪30 فقط من الحجاج.

وبمجرد صدور الأمر السامي بتنظيم حج هذا العام بشروطه، بدأت وزارة الخارجية السعودية التواصل مع السفارات الأجنبية، لاختيار من سيؤدون الفريضة ممن هم داخل المملكة بالفعل.

وكانت المحددات الصحية هي الأساس في عملية اختيار الحجاج المقيمين داخل المملكة العربية السعودية، ولم تكن هناك استثناءات لأحد في هذا الموسم الاستثنائي.

وقد أبدت دول العالم الإسلامي تفهماً كبيراً لقرارات المملكة وأشادت بحكمة قيادتها والحرص على تنظيم الحج وعدم تعطله، وفي الوقت ذاته الحرص على سلامة الحجاج حتى عودتهم إلى بلدانهم.

 

العالم الإسلامي يؤيد القرارات ويهنئ بنجاح حج هذا العام

إن ما يهم المملكة العربية السعودية ويهم دول العالم هو احتواء فيروس كورونا قبل كل شيء، فبسبب تفشي هذا الوباء عالمياً وعدم وجود علاج له، علقت المملكة -منذ ظهور حالات إصابة بهذا الوباء- السفر والعمرة والدراسة والمصالح الحكومية والخاصة والأعمال التجارية والاقتصادية، وطلبت التريث من الدول الإسلامية حتى تتضح الرؤية وتتطور المواقف باتجاه هذه الجائحة، قبل أن تقرر -بناء على ما أوضحته وزارة الصحة- إقامة الفريضة بأعداد محدودة جداً.

وقد أيدت الدول العربية والإسلامية والمنظمات والهيئات الدينية داخل المملكة وخارجها -في حينه- قرارات المملكة بقصر حج هذا العام 1441هـ على حجاج الداخل وبالشروط الاحترازية التي تحافظ على سلامة الحجاج.

كما أشاد الجميع بنجاح موسم حج هذا العام وتقدموا بخالص التهاني إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على هذا النجاح والصورة المشرفة التي ظهرت بها المملكة العربية السعودية أمام العالم أجمع، والجهود الجبارة التي بذلت لاستقبال حجاج الداخل في ظل جائحة كورونا.

وأعلنت هيئة كبار العلماء بالمملكة تأييدها لما قررته حكومة خادم الحرمين الشريفين بأن يكون الحج هذا العام بعدد محدود جداً من داخل المملكة حفاظاً على صحة الحجاج وسلامتهم.

كما أشاد الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس بقرار وزارة الحج والعمرة المتعلق بحج هذا العام وقال: «إن القرار الذي لاقى مباركة إسلامية ودولية يأتي حرصاً من السعودية على سلامة المسلمين وعامة الناس، ومجنباً إياهم الأخطار».

* وفي جمهورية مصر العربية أعلنت وزارة الأوقاف المصرية دعمها قرار المملكة، وقال الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف: «إنه في ظل تفشي وباء كورونا وانتشاره عالمياً وتزايد أعداد المصابين به فإننا ندعم قرار المملكة العربية السعودية الشقيقة في قصر الحج على أعداد محدودة من الجنسيات المختلفة من الراغبين في الحج هذا العام 1441هـ من الموجودين داخل المملكة».

* كما أشادت دار الإفتاء المصرية بجهود المملكة عادة قرار إقامة الحج بأعداد محدودة يأتي استناداً للقاعدة الفقهية «درء المفاسد مقدم على جلب المصالح»، وأن اتخاذ سلطات المملكة هذا القرار جاء بحسبانه ضرورة ملحة في ظل الظروف الراهنة وما يعانيه العالم من انتشار جائحة كورونا.

* وأكد شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، أن قرار المملكة تنظيم فريضة الحج هذا العام بعدد محدود من الراغبين في أداء مناسك الحج لمختلف الجنسيات من الموجودين داخل المملكة، هو قرار حكيم ومأجور شرعاً ويراعي عدم تعطيل فريضة الحج والحرص على سلامة حجاج بيت الله الحرام، وإعلاء حفظ النفس أهم مقاصد الشريعة الإسلامية، ويدل على وعي قيادة المملكة بخطورة فيروس كورونا، خصوصاً في ظل الانتشار المتسارع لهذا الوباء الذي يهدد أرواح الناس في كل مكان.

* وقد أيدت مملكة البحرين القرار الذي اتخذته المملكة باقتصار موسم حج هذا العام على مواطني الدول الإسلامية الموجودين فيها، وقال وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة: «إن مملكة البحرين تقّدر عالياً هذا القرار الذي يأتي متوافقاً مع جوهر الدين الإسلامي الحنيف الذي جاء بحفظ الضرورات الخمس وهي: الدين، النفس، العقل، العرض، والمال، لافتاً إلى أن هذا القرار جاء حافظاً لشعيرة الحج».

* وفي دولة الإمارات العربية المتحدة: أعلن مكتب شؤون الحجاج بدولة الإمارات عدم المشاركة في موسم حج هذا العام استناداً إلى قرار وزارة الحج السعودية، مشيداً بالجهود المخلصة للمملكة، ومؤكداً أن القرار يأتي في إطار الإجراءات الوقائية والاحترازية للحد من انتشار المرض والمحافظة على صحة الناس وحياتهم.

* وأشاد بالقرار عدد كبير من الدول منها: جيبوتي، جمهورية القمر المتحدة. الأردن، فلسطين عمان، السودان، تونس، باكستان، أفغانستان، اليمن، ماليزيا، سنغافورة، غانا، ليبيا، لبنان، موريتانيا، المالديف، مفتي نيوزيلندا.

* ومن المنظمات والهيئات ثمن الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين العناية القصوى التي توليها المملكة لصحة ضيوف الرحمن وسلامتهم، وبذل العناية اللازمة لهم، وبين أن تنظيم شعيرة الحج لهذا العام -في ظل استمرار الجائحة وعدم وجود علاج يحفظ للجميع سلامتهم- يضع المملكة أمام مسؤولية إنسانية وشرعية عظيمة، وتتماشى القرارات السامية بقصر حج هذا العام على حجاج الداخل مع الرخص الشرعية التي شرعها الله سبحانه وتعالى لعباده عندما يصعب أداء العبادات أو المناسك.

* كما أصدرت رابطة العالم الإسلامي -في حينه- بياناً يؤيد ما اتخذته حكومة المملكة العربية السعودية من إجراءات احترازية لحج عام 1441هـ، يوضح أن الظرف الطارئ لجائحة كورونا المستجد يمثل حالة استثنائية يتعين شرعاً أخذها ببالغ الاهتمام ووضعها في الحسبان حفاظاً على سلامة حجاج بيت الله الحرام في أبدانهم وأرواحهم.

وذكر البيان أن الرابطة تلقت اتصال عدد من كبار مفتي العالم الإسلامي وعلمائه فور صدور هذا القرار الموفق، مؤكدين حكمته وحسن تدابيره بوصفه إجراء احترازياً تتطلبه الضرورة الشرعية.

* كما رحبت جامعة الدول العربية بقرار المملكة، وقالت: «إن هذا القرار الحكيم لحكومة المملكة جاء حفاظاً على صحة الحجاج وسلامتهم في ظل استمرار جائحة كورونا، وخطورة تفشي العدوى في التجمعات والحشود البشرية، والتنقلات بين دول العالم، واستمرار زيادة معدل الإصابات عالمياً».

* أما البرلمان العربي: فقد أكد رئيسه الدكتور مشعل السُّلمي أن هذا القرار يعكس حرص المملكة الشديد على إقامة شعيرة الحج بشكل آمن صحياً وبما يحقق متطلبات الوقاية والتباعد الاجتماعي اللازم لضمان سلامة الحجاج وحمايتهم من مخاطر هذه الجائحة، وتحقيقاً لمقاصد الشريعة الإسلامية في حفظ النفس البشرية.

وأكد رئيس المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة: الدكتور علي راشد النعيمي، دعم المجلس قرار وزارة الحج والعمرة في المملكة العربية السعودية، مشيراً إلى أهمية القرار في هذا الوقت الراهن والدقيق؛ بغية الحفاظ على النفس البشرية، وتحقيقاً لمقاصد الشريعة الإسلامية وقيام مصالح الدين والدنيا، وعدم اختلال نظام الحياة، ومن ثم إقامة هذه الشعيرة امتثالاً للإجراءات الاحترازية والتوجيهات والإرشادات الرسمية وكذلك متطلبات الوقاية والتباعد الاجتماعي؛ لحماية النفس من جائحة كورونا التي أصابت أكثر من 180 دولة حول العالم.

* وقالت منظمة الصحة العالمية وقتها على لسان مديرها تيدروس غيبريسوس إنه يدعم قرار السعودية بحظر دخول حجاج من الخارج لأداء مناسك الحج هذا العام؛ بهدف الحد من انتشار فيروس كورونا المستجد.

كما أن حساب المنظمة على تويتر غرد: «نرحب بقرار المملكة العربية السعودية بأن يكون موسم الحج لهذا العام قاصراً على الحجاج المقيمين في السعودية بناءً على تقويم المخاطر لجائحة كوفيد 19، بما يتوافق مع إرشادات المنظمة من أجل سلامة الحجيج وتعزيز الأمن الصحي في الدولة وخارجها».

* كما لقي القرار ترحيباً من مجلس الإمارات للإفتاء. المجلس الأعلى للمسلمين في مدغشقر، مركز الدعوة الإسلامية لأمريكا اللاتينية، مجلس علماء باكستان، مجلس الأئمة الأسترالي، مجمع الفقه الإسلامي السوداني، هيئة علماء السودان، جمعية أهل الحديث الباكستانية، مجلس الشيوخ الباكستاني، المجلس الأعلى للأئمة والشؤون الإسلامية في البرازيل، مجمع الفقه الإسلامي الدولي، الندوة العالمية للشباب الإسلامي، مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وكثير من المنظمات والهيئات والاتحادات والممثليات الإسلامية في العالم.

 

الحجاج يثمنون جهود المملكة

من جهة أخرى ثمن الحجاج المقيمون داخل المملكة الدور الكبير والرائد الذي تقوم به المملكة العربية السعودية تجاه ضيوف الرحمن من خلال إقامة الحج بأعداد محدودة ومن جنسيات مختلفة، ما يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية للحفاظ على النفس وعلى صحّة قاصدي بيت الله الحرام، ما يدل دلالة واضحة على حرص حكومة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- على كل قرار يصب في مصلحة الأمة الإسلامية للحد من تفشّي فيروس كورونا المستجد؛ حفاظاً على صحة أبناء الأمة الإسلامية وسلامتهم.

ووصف عدد كبير من الحجاج الذين تم اختيارهم لأداء فريضة الحج قرار المملكة بإقامة مناسك الحج لهذا العام بأعداد محدودة من المواطنين والمقيمين من مختلف الجنسيات، من داخل المملكة بالقرار الحكيم والمبارك الذي حقق عدم تعطيل الفريضة مع الحفاظ على صحة الحجاج وسلامتهم، وتحقيق المقاصد الشرعية.

الحج لم ينقطع تاريخياً

لقد أكدت نتائج دراسة علمية سعودية حديثة، عدم تعطل أو انقطاع شعيرة الحج أبداً على مدى التاريخ الإسلامي، الدراسة العلمية التي أشارت إليها وكالة الأنباء السعودية وأجراها وكيل معهد أبحاث الحج والعمرة للتطوير وريادة الأعمال، في معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة بجامعة أم القرى في مكة المكرمة، الدكتور أيمن بن سالم السفري، أفادت أنه «بعد استقراء أكثر من أربعين مرجعاً ومصدراً علمياً تتبعت التاريخ الإسلامي كاملاً، فإنه يتبين أن الحج لم يتوقف أو ينقطع بالكُلية، وأن غاية ما حصل إما توقف جزئي من بعض البلدان، وإما أوبئة وعوارض صحية أو أمنية حصلت لبعض الحجاج منعتهم من أداء الفريضة، بينما قام بالحج غيرهم».

ولفتت الدراسة إلى جهود أهل مكة البارز في ضمان استمرار مسيرة الحج في السنوات التي تعذر على أهل الأمصار بلوغ البيت الحرام.

وتأتي هذه الدراسة العلمية مؤكدة القرار السامي بعقد مناسك الحج خلال هذا العام وفق اشتراطات احترازية على الرغم من الجائحة.

وتبرز الدراسة أيضاً ما تم في القرار من الجمع بين مصلحتين شرعيتين عظيمتين: إقامة شعيرة الحج وعدم انقطاعه، والمحافظة على سلامة الناس وصحتهم.

واستطاعت المملكة تنظيم الحج خلال تفشى أوبئة سابقة مثل الإيبولا وسارس، إلا أن النطاق العالمي لوباء كورونا مثّل تحدياً أكثر صعوبة بشكل كبير، لكن كانت قرارات قيادة المملكة على مستوى الحدث جمعت بين إقامة شعيرة الحج واستمرار هذا الركن، والحفاظ على سلامة المسلمين.

حج استثنائي ناجح

بكل المقاييس

ووسط منظومة من الإجراءات الصحية وتدابير وقائية وخدمات متكاملة هيأتها حكومة خادم الحرمين الشريفين ليؤدي ضيوف الرحمن مناسكهم بسلام آمنين، توافد حجاج بيت الله الحرام مع إشراقه صباح يوم 8 من ذي الحجة إلى المسجد الحرام في مكة المكرمة لتأدية طواف القدوم، وذلك لبدء مناسك الحج هذا العام 1441هـ.

وعند تفويج ضيوف الرحمن إلى الحرم المكي، اتبعت الجهات المعنية الإجراءات الاحترازية الواردة في البروتوكولات الوقائية لموسم حج 1441هـ، واعتماد جدول منظم لنقل الحجيج إلى صحن المطاف، بما يضمن تحقيق التباعد المكاني بين كل حاج وآخر، بوضع الحواجز والملصقات الأرضية التي تحدد مسارات الحركة بشكل آمن وصحي، والتأكد من تطبيق ذلك من خلال المتابعة الدقيقة من المشرفين، مع تعقيم منطقتي «الصحن» و«المسعى» قبل طواف كل فوج وبعده، من أفواج حجاج بيت الله الحرام.

وبعد طواف القدوم، بدأ حجاج بيت الله الحرام أداء «السعي» بين الصفا والمروة مع التزام التباعد الجسمي وسط منظومة من الإجراءات الصحية والتدابير الوقائية والخدمات المتكاملة.

وقد أكملت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي -منذ وقت مبكر وبحسب خطتها لموسم حج هذا العام- تعقيم المطاف والسعي وكامل المسجد الحرام إضافة إلى تنظيم حجاج بيت الله الحرام في الطواف والسعي بوضع المسافات الآمنة وإدخالهم في أفواج وبأعداد محدودة، وتكثيف الكاميرات الحرارية على الأبواب وتكثيف القوى العاملة سواء عن بعد أو داخل المسجد الحرام.

وكان حجاج بيت الله الحرام قد غادروا العزل الصحي المؤسسي، وتوجهوا إلى ميقات السيل الكبير لعقد نية الحج وبداية التلبية، والتوجه إلى المسجد.

كما تزينت الكعبة المشرفة بأداء الحجاج طواف القدوم قبل الذهاب إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية وسط تطبيق المسافات الآمنة بين الحجاج في أثناء الطواف، وإجراءات مشددة في التباعد وتطبيق التدابير الوقائية.

وجهزت الرئاسة العامة لشؤون الحرمين الملصقات الأرضية المؤقتة التي تهدف إلى تنظيم مسارات دخول حجاج بيت الله الحرام وأداء مناسكهم لتضمن من خلالها تطبيق التباعد الاجتماعي بين أفواج الحجيج بالتنسيق والتعاون مع وزارة الحج والعمرة والقيادات الأمنية.

وقد رفعت قوات الدفاع المدني درجة الاستعداد والجاهزية في مشعر منى لاستقبال الحجاج لقضاء يوم التروية الـ 8 من شهر ذي الحجة، واتخذت جميع الإجراءات للحفاظ على سلامتهم طوال وجودهم فيه.

ووسط هذه الإجراءات الاحترازية التي تعاون في تنفيذها عدد من الجهات المسؤولة تم تفويج الحجاج إلى مشعر منى، ثم إلى مشعر عرفة، ثم مزدلفة، ثم مشعر منى لرمي الجمرات وذبح الهدي وقص الشعر والتحلل ثم أداء طواف الحج والعودة إلى منى للمبيت فيها أيام التشريق.

خدمات صحية على

أرقى المستويات

وما لفت الأنظار وآثار الإعجاب والتقدير الخدمات العلاجية التي قدمت للحجاج طول رحلة الحج وفي أثناء تأديتهم الشعائر ونقلهم من مكة المكرمة إلى المشاعر المقدسة، ولم يعان الحجاج من مشكلات صحية إلا عدد قليل منهم الذين راجعوا العيادات، أو أقسام الطوارئ لتلقي الرعاية الصحية، وبحمد الله هذه الحالات كانت يسيرة وعولجت فوراً وعادوا إلى مواصلة استكمال مناسكهم ولله الحمد، إذ لم يكن بينها أي رصد لحالات إرهاق أو إجهاد أو ضربات حرارية، ولم يسجل أي اشتباهات بفيروس كورونا الجديد، كما لم تسجل أي حالة وفاة بين الحجاج والحمد لله.

ودل الوصول إلى هذه النتائج المبهرة على المستوى العالي للخدمات الصحية المقدمة لضيوف الرحمن وكذلك الدلالة على قيمة هذه الخدمات الوقائية والعلاجية وتأثيرها وفعاليتها.

من ناحية أخرى فإن حجاج بيت الله الحرام أدوا شعائرهم بأمن وطمأنينة، من الوقوف بعرفة، والمبيت بمزدلفة، ثم رمي جمرة العقبة، وطواف الإفاضة، حيث جرت عملية التصعيد إلى عرفة والنفرة إلى مزدلفة والرمي وطواف الإفاضة بكل يسر وسهولة، وفق عمليات التفويج المعتمدة، والخطط والتنظيمات التي كفلت تحقيق التباعد المكاني المحدد في الإجراءات والتدابير الصحية الاحترازية.

وباشرت القطاعات الأمنية والجهات الحكومية مهماتها لتقديم الخدمات كافة وتوفيرها لحجاج بيت الله الحرام حتى انتهوا من أداء فريضة الحج لهذا العام.